عشرات المتعاملين مع العدو اعتقلوا… مرتكبو الجرائم والمخالفات ومحدثو الشغب والسرقة المتنوعة جميعهم ضبطوا في البلاد وكأننا اليوم ننام على وسادة من حرير لا تشوبنا شائبة ولا يعكر صفو حياتنا إلاّ الطقس والرطوبة.
إنه لبنان بكل بساطة، حيث المواطن يعيش دون أن يسأل أحد عن حاجاته واهتماماته ومصائبه “تَعَودْنا” هكذا يجيب الجميع في حال السؤال إن سئلوا.
أما الفنان فمعاناته أكثر وإشكالياته أكبر وصفحات الجرائد كلها لا تكفي لعرضها والبحث عن حلها.
كنت قد تكلمت وزميل لي عن أحد تلك الجوانب، فلم أستغرب ردة فعله العادية بسلبية، بل وأضاف “ولو ما أهل الوفا بـ 2000 ل.ل.”.
لمن لا يعرف “أهل الوفا” أقول بأنه فيلم سينمائي صوّر “عملية الشهيد الحي”، التي نفّذها “حزب الله” عام 1994، وأدّت إلى تفجير قافلة إسرائيلية، الفيلم كتبه فتح الله عمر وحمل توقيع المخرج السوري نجدت أنزور.
ملايين الدولارات تدفع لإنجاز تلك الأعمال، عوضاً عن استغراق تنفيذها أشهراً وسنوات، وفي النتيجة يذهب بعض النقاد والمهتمين من الوسط الفني لمشاهدة العرض، اما الشعب فيعتمد على شراء الـ “c.d” من المحلات التي في غالبيتها تكون قد حصلت عليها بطريقة غير شرعية.
لن أتكلم عن كيفية الحصول على هذه الاشرطة حتى قبل عرضها في الصالات، لانها فضيحة بحق الدولة التي تراقب “حسب ما يقال”.
لكن الحل الموجود والمحال التي تبيع الأفلام بأرخص الاسعار واضحة ومعروفة ومقصودة أكثر من الصالات.
لم يخطر ببال الدولة أنهم في حال حرصوا على ضبط الأمور قد يكونون قد ساهموا في انتشال الفن، خاصة اللبناني، من براثن الرخص، فلا رقابة الأجهزة المختصة تضبط إيقاع الأفلام الترويجية التي تأخذ منحى الانحطاط الأخلاقي ولا قسم أجهزة مكافحة التهريب استطاعت أن تضبط مصدر الأشرطة المدمجة التي تنتشر في المحال بأدنى الأسعار بينما تباع في مصدرها الاصلي بقيمتها التي تستحق.
قد يقال لنا: “حرام العالم ما معا تاكل تَ حتى تحضر سينما مستكترين علين شراية فيلم ينبسطوا فيه بـ 2000 ل.ل.”.
نقول: علينا أن نفكر بنهضة الفن السابع، وتقديره فهو القادر على إيصال صوتنا ومعاناتنا دون تكلف إلى باقي المجتمعات بعيداً عن التبجل والاستغلال السياسي.
ولنفكر بكلفة تلك الأفلام والتعب والجهد الذي يتكلفه كل فريق العمل ليقدم صورة عن مجتمعه، ولتعمل الدولة على التفتيش الدوري للمحال ولتصادر تلك البضائع التي بغالبيتها مسروقة من داخل صالات العرض.
وان كان الجميع يعتقد بأن الخاسر هو شركات الإنتاج والمنتجين بسبب ضعف إيراداتهم، فليعلموا ان الخاسر الأوحد هو الفن السينمائي.
أليسار نافع