احتفلت ابرشية طرابلس المارونية، بسيامة الشدايقة انطونيو نفاع، روبير عيسى، راشد شويري، وشارلي عبدالله، شمامسة على مذابح ابرشية طرابلس المارونية، بوضع يد راعي الابرشية المطران جورج بو جوده، وذلك خلال قداس احتفالي اقيم في كارتدرائية الملاك مخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، عاون المطران بو جوده في القداس، المونسنيور بولس القطريب خادم الرعية، والكهنة جوزيف غبش، جوزيف نفاع، فادي منصور، نسيم قسطون، ورئيس لجنة الدعوات في الابرشية الخوري مرسال نسطه، وبمشاركة النائب العام المونسنيور بطرس جبور، والمونسنيور انطوان مخائل، ولفيف من كهنة الابرشية. وحضر القداس حشد من اهالي واقرباء الشمامسة الجدد.
بعد الانجيل المقدس القى بو جوده عظة قال فيها:” تتمّ سيامتكم الشمّاسيّة التحضيريّة للكهنوت في هذا الأحد المبارك الذي تحتفل فيه الكنيسة المارونيّة بتذكار الأبرار والصدّيقين، أي بكلام آخر، بعيد جميع القديسين، وتتلو على مسامعنا هذا النّص من الإنجيل الذي يعطينا المعنى والبُعد الأساسي للقداسة التي تقوم ليس فقط على علاقتنا بالله بل أيضاً وبصورة خاصة على علاقتنا بأخينا الإنسان. فالذي يستحق أن يرث ملكوت السماوات حسب تعليم المسيح هو ذلك الذي يعرف أن يرى يسوع في أخيه الإنسان وبصورة خاصة في الإنسان المحتاج والمعوز، في الجائع والعطشان، في الغريب والعريان وفي المريض والسجين. وقد أعطى يسوع بذاته مثلاً عن هذا الإهتمام طوال حياته العلنيّة إذ أنّه لم يكتفِ بالوعظ والإرشاد والتعليم، وبدعوة الناس إلى التوبة لأنّ ملكوت الله قريب، بل كان يطعم الجائعين فيكسر الخبز ليوزّعه التلاميذ على أُلوف الملتفّين حوله، ويشفي البرص والعميان والعرج والصّم والمكرسحين. وكان جوابه على تلاميذ يوحنا المعمدان الذين سألوه إن كان هو المسيح المنتظَر أم عليهم أن ينتظروا آخر، بأنّه أعطاهم العلامات الماديّة، مستشهداً بنبوءة آشعيا حيث قال:” إذهبوا وأخبروا يوحنا بما تسمعون وترون: العميان يبصرون والعرج يمشون مشياً سوياً، والبرص يبرأون والصمّ يسمعون، والموتى يقومون والفقراء يبشَّرون، وطوبى لمن لا أكون له حجر عثرة” (متى11/4-6).
وتابع بو جوده :”الشمّاسيّة في الكنيسة هي رتبة تمهيديّة لدرجة الكهنوت، وبصورة عاديّة. وهي قد تكون شماسيّة دائمة، كما أُعيد العمل بها بعد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بموجبها يصبح بإمكان الشمّاس أن يكون اليد اليمنى للكاهن، إذ يشارك في منح بعض الأسرار كالمعموديّة ومسحة المرضى وغيرها ويتحضّر فيها الشمّاس على الوعظ والإرشاد وقراءة الإنجيل رسمياً في الإحتفالات الليتورجيّة ومرافقة المؤمنين في صلاتهم رسمياً بإسم الكنيسة. وإنّنا إذا عدنا إلى كتاب أعمال الرسل، رأينا كيف أنّ إستفانس كان ممتلئاً من النعمة والقدرة، وكيف كانت تجري العجائب والآيات العظيمة على يده بين الشعب. وكيف أنّ شمّاساً آخر هو فيليبس قد بشّر وعمّد وزير ملكة الحبشة”.
وقال بو جوده ” درجة الشمّاسيّة التي ستنالونها اليوم، أيها الأحباء، هي المرحلة الأخيرة من تحضيركم لسر الكهنوت. فلقد سمعتهم صوت الرب يدعوكم كما دعا صموئيل، فأجاب كل واحد منكم وقال: تكلّم يا رب، فإنّ عبدك يُصغي. وتتمّ سيامتكم في هذه السنة التي أعلنها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان سنة للكتاب المقدّس، أي سنة الكلمة، ودعانا لنكون في حالة إصغاء إلى كلام الرب والعمل بمقتضاه، كي نستحقّ أن نسمع منه ما قاله السيّد المسيح عن أُمه العذراء: طوبى لمن يسمع كلام الرب ويعمل به. كما دعانا لأن نجعل من كلامه مصباحاً لخطانا ونوراً لسبيلنا، والتبشير بهذا الكلام”.
وتوجه بو جوده الى الشمامسة الجدد بالقول:” سوف تكونون الخدّام الأُمناء ورجال الثقة عند الرب، تقومون بالخدمة بأمانة، خدمة المائدة وخدمة الكلمة وخدمة الأسرار، إذ على مثال إستفانس سوف تقرنون خدمة المائدة بخدمة الكلمة، إذ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله، كما يقول السيّد المسيح. فعليكم إذن أن تهتمّوا في الوقت عينه بأمور الجسد وبأمور الروح، إذ أنّ الإنسان جسد وروح، ونحن مدعوون للإهتمام به مادياً وروحياً. وكلّنا يعرف حالة الفقر المادي وحالة الفقر الروحي التي يعيشها الكثيرون من أبناء جيلنا وأبناء بلادنا وأبناء كنيستنا. وفي الكنيسة، كما نعلم، محبة مميّزة للفقراء الذين يجسّدون المسيح بيننا كما سمعناه يقول: كل مرّة فعلتم ذلك مع أحد إخوتي هؤلاء الصغار فمعي أنا قد فعلتموه”.
وختم بو جوده :”إنّنا، أساقفة وكهنة وشمامسة ومؤمنون علمانيّون، مدعوّون للإهتمام بالإنسان، كل إنسان وبالإنسان كلّه، لأنّه الخليقة الوحيدة التي أرادها الله لذاتها، وعلينا أن نحبّه بعرق جباهنا وتعب زنودنا، كما يقول القديس منصور دي بول، وعلينا أن نعطيه الأولويّة بإهتماماتنا إذ أنّه مخلوق على صورة الله ومثاله. ولذلك أدعوكم اليوم، بإسم الكنيسة، أن تجعلوا من الأشهر القليلة التي تفصلكم عن سر الكهنوت، زمناً مميّزاً في حياتكم وتنشئتكم كي تستطيعوا القيام بهذه الرسالة وهذا الدور. وإنّني بإسمي، كمطران للأبرشيّة، وبإسم إخوتكم الكهنة، أتقدّم منكم ومن أهلكم الكرام بأصدق عواطف التهنئة والتمنيات كي تكون خدمتكم مثمرة ومباركة وأتمنّى لكم شماسيّة ناجحة، تمهيداً لكهنوت ناجح في خدمة الرب والكنيسة وخدمة الفقراء”.
ثم تقبل الشمامسة الجدد التهاني من الحضور في صالون الكنيسة.