رعى النائب السابق جهاد الصمد ومسؤول إستخبارات الجيش اللبناني في الشمال العميد عامر الحسن والأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال شعبان ورئيس بلدية بحنين مصطفى وهبي، صلح عائلتي الصمد ورور، ليُطوى بذلك الإشكال الذي وقع في 12 أيلول الفائت نتيجة وقوع خلاف أعقبه إطلاق نار بين شبان على مباراة في كرة القدم كانت تجري على ملعب بلدية حرف سياد ـ الضنية، وأدى حينها إلى سقوط ضحيتين هما: الشابين نور جمال ورور وطلال صلاح ورور، وإصابة 5 أشخاص بجروح متفاوتة.
وكانت جهود كبيرة قد بُذلت منذ ذلك الحين قام بها السّاعون إلى الصلح، بعد توقيف المشتبه بهم من قبل الجهات الأمنية المعنية، أثمرت تجاوب الطرفين مع مساعي الصلح التي قضت بإسقاط الحق الشخصي ودفع ديّة الضحيتين، وسط تأكيد أعضاء لجنة الصلح في الضنية الذين تدخلوا للإسهام في إنجاز الصلح، على أن “الجميع في منطقة الضنية هم عائلة واحدة، وأن ما حصل هو قضاء وقدر ينبغي التسليم به والإعتبار منه، في سبيل الحفاظ على الضنية منطقة آمنة ومستقرة، بتضحية مشتركة من جميع أبنائها بلا إستثناء”.
ولهذه الغاية عقد لقاء موسع في قاعة مسجد بلدة الواطية ـ الضنية، مسقط رأس الضحيتين، حضرها إلى الذين رعوا الصلح، رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، رئيس صندوق الزكاة في الضنية الشيخ محمد جبارة، مدرّس الفتوى في الضنية الشيخ فؤاد إسماعيل، ورؤساء بلديات ومخاتير وأعضاء لجنة الصلح وأئمة وخطباء مساجد، وفاعليات إجتماعية وتربوية وحشد غفير من أهالي المنطقة.
بدأ اللقاء بكلمة للنائب السابق جهاد الصمد، قال فيها: “نأتي في مناسبة مؤلمة وحزينة. نأتي إليكم لنلتقي مجدداً على المودة والجيرة والعشرة الطيبة. نأتي إليكم ونحن نعلم أنكم تعلمون أن الشهيدين الغاليين هم شهداؤنا وعند ربهم يرزقون. ويهمنا أن تعلموا أن الجرح الذي أصابكم أصابنا أيضاً في الصميم، لكنه القضاء والقدر الذي نذعن جميعاً لحكمه وحكمته”.
ورأى الصمد أن “الواجب والإنتماء لهذه المنطقة الأحب على قلوبنا جميعاً، يلزماني بأن أدعو الجميع للحفاظ على روح المودة التي تجمعنا، ومبدأ الشهامة الذي يوحدنا، فنحن جميعاً ما تعوّدنا إلا أن نسلك الطريق الأصعب، أي طريق الشرف والوفاء وعدم الغدر، ونحن وإياكم نصرّ على التمسك بهذا النهج مهما كانت الصعوبات كثيرة، ومهما كان حجم معرقلي هذا السلوك”.
وأكد الصمد أنه “سوياً، معكم وبكم أخذنا خيار الدفاع عن الكرامة والحق والوجود الكريم الذي أرساه أجدادنا، لذا فإن جرحكم هو جرحنا ومصابكم وألمكم ألمنا، بلدتكم بلدتنا وبنيكم بنيننا، فلكم على الدوام يدنا الممدودة حبّاً وصداقة، وكل الشكر والإمتنان لبالكم الودود والمتسامح، ولكم مني ومن أهلي، كل الود والإحترام، ولجميع من أسهم معنا في إرساء الصلح والوفاق كل الإمتنان والشكر إلى أبد الآبدين”.
بعد ذلك ألقى الشاعر الدكتور ميشال جحا كلمة رأى فيها أن “جراحاً الجسيمة أصابت آل ورور بطريقة لم تكن مقصودة، لكن الأفاضل الكرام سعوا إلى إلتئام الجراح، فإذا بالمجروحين في الصميم، جمال وصلاح ورور، يفتحان بلا تردد قلبيهما لأبناء بلدتهما ومنطقتهما، ماسحين جراحهما الأليمة في هذه القضية، ويعفوان عن من قام دون قصد بهذه الجريمة التي أصبحت وراءنا”.
ثم ألقى جمال ورور، والد أحد الضحيتين كلمة، قال فيها: “قاتل الله الشر، وهدى الضالين وأسكن قلوب الناس المحبة والسلام، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان والصراط المستقيم. هي جريمة كبيرة حتى لو كانت بلا سابق تصور وتصميم، وأبعد الله عنكم جميعاً هذه الكأس المرّة، وإذا كان العفو عند المقدرة فالصلح سيد الأحكام، هكذا شاء الأحباء الذين أشكرهم جميعاً”.
بعد ذلك ألقى الشيخ بلال شعبان كلمة، لفت فيها إلى أنه “بعد هذا العفو والكرم الذي يتعالى على كل الدماء، تعجز الألسن عن التحدث. فقد حضرت الكثير من مجالس المصالحة والمآسي، فلم أجد مأساة بهذا الحجم يوجد معها إنفتاحاً وطيبة وطهارة قلب بطهارة مثل هذه القلوب، ولا أملك أن أقول لكم بيّض الله وجوهكم وأكرمكم”.
ثم ألقى الشيخ فايز سيف كلمة دعا فيها “كي تكون هناك أمة تدعو إلى الخير والصفح والمسامحة، وتنهى عن المنكر، وتنتج صلحاً مباركاً”، مثنياً على دور الجيش اللبناني “الذي نفتخر به، وبالعميد عامر الحسن الذي تحوّل إلى عمدة يسعى إلى الصلح في كل الشمال”.
وفي ختام اللقاء جرت المصالحة بين أفراد العائلتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ ملاحظة: الصور لقطات أثناء المصالحة.