عاد الدكتور خالد عمر تدمري (عضو بلدية طرابلس ورئيس لجنة الآثار والتراث) من مدينة كوتاهيا التركيّة بعد أن شارك في أعمال المؤتمر العلمي الذي نظّمته محافظة كوتاهيا بالتعاون مع منظّمة الأونيسكو تحت عنوان “400 عام على ولادة أوليا شلبي”، وهو رحّالة عثماني جاب أنحاء الإمبراطورية العثمانية وجوارها عدّة مرّات خلال القرن السابع عشر وأرّخ لمشاهداته ووصفه للمدن والمواقع في كتابه الشهير “سياحة نامة” المكتوب باللغة العثمانية القديمة. وقد أعلنت منظّمة الأونيسكو هذا العام إرثه المكتوب تراثاً ثقافياً عالمياً.
وقدّم تدمري خلال المؤتمر بحثاً موثّقاً مرفقاً بعرض مصوّر تناول فيه زيارة الرحّالة شلبي إلى طرابلس عنوَنه “وصف أوليا شلبي لطرابلس الشام ومعالمها العمرانية” وذلك استناداً إلى مخطوطته المحفوظة في مكتبة كشك بغداد بقصر الطوب قابي باستانبول. وتبيّن خلال البحث أن أوليا شلبي زار المدينة خلال شهر رمضان سنة 1681 وأقام فيها ثمانية أيام تجوّل خلالها بين طرابلس الميناء، واصفاً قلعتها بالتفصيل وأبراجها الساحلية وأنواع الأسلحة فيها، و زائراً مساجدها ومدارسها، حيث صلّى التراويح في الجامع المنصوري الكبير وقدّم شرحاً تفصيليّا عن عمارته، وحضر حلقات الذكر في التكيّة المولويّة التي أعنبهر بموقعها على النهر، وتجوّل في أسواق المدينة معدّداً أسماء خاناتها وحمّاماتها، كما جال في محلاّتها وذكر أسماء بوّاباتها وعدد مساكنها ودكاكينها. وقدّم معلومات هامّة عن أوضاع المدينة الزراعية والصناعية والتجارية، وعن عادات وتقاليد أهلها، وأزياء نسائها، وأنواع المأكولات والحلويات، والرياضات التي يمارسونها. كما زار بركة السمك المقدّس في البدّاوي مُطلقاً عليها اسم “بئر الكنوز”، وعرّف بأصحاب المقامات الدينية في طرابلس والبدّاوي والمنية، وبأهم المعالم العمرانية في الميناء. وقد قدّم شلبي من خلال وصفه الشامل معلومات هامّة عن تاريخ وعمارة طرابلس القديمة بعضها يُعرف للمرّة الأولى. وسينشر البحث الذي أعدّه د. خالد تدمري باللغة التركية في كتاب المؤتمر الذي سيصدر عن منظّمة الأونيسكو ووزارة الثقافة التركية.