تقدم وزير العمل بطرس حرب بمشروع قانون الى رئاسة مجلس الوزراء يتعلق بموضوع بيع الاراضي بين المواطنين اللبنانيين.
وجاء في مشروع القانون:
“المادة الأولى: مع مراعاة أحكام قانون تملك الأجانب وأحكام قوانين الإرث للطوائف، يمنع لمدة خمسة عشر سنة بيع العقارات المبنية وغير المبنية الكائنة في لبنان بين أبناء طوائف مختلفة غير منتمية إلى دين واحد.
المادة الثانية: يشمل المنع أشخاص الطوائف المعنوية والأشخاص المعنويين التابعين لهذه الطوائف، والشركات العقارية التي تكون أسهمها إسمية بحيث لا يجوز التفرغ عن أكثرية هذه الأسهم لمالكين من غير طائفة مالكيها.
المادة الثالثة: تبطل عقود البيع وقيود نقل الملكية في السجل العقاري، وعقود الوعد بالبيع التي تتم خلافا لأحكام هذا القانون، كما تبطل العقود الصورية التي تخفي عقدا بالبيع تنطبق عليه المواد السابقة أعلاه.
المادة الرابعة: يمنع على الشركات غير العقارية شراء الأملاك غير المنقولة، ويتم بيع الأملاك غير المنقولة العائدة لهذه الشركات بعد الإعلان عن ذلك في جريدتين محليتين، وبلصق الإعلان على باب مركز بلدية موقع العقار، ويوضع محضر بذلك في البلدية قبل شهر من تاريخ البيع، وإلا يعتبر البيع لاغيا، وفي حال عدم وجود بلدية، يودع الإعلان والمحضر لدى مختار البلدة حيث موقع العقار قبل شهر من تاريخ البيع أيضا.
وفي حال عدم مراعاة هذه الأصول يكون البيع باطلا ولا ينقل الملكية على إسم الشاري. في حال تقدم أكثر من عرض للشراء يباع العقار أو العقارات لعارض السعر الأعلى، على أن تجري عملية البيع بموجب محضر رسمي يوقعه رئيس البلدية أو المختار، وعلى أن تتبع الأصول القانونية لتنفيذ العقد.
المادة الخامسة: يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون، بائعا أو شاريا أو متدخلا، بالحبس من خمس إلى عشر سنوات، ولا يجوز للقاضي أن يخفضها إلى أكثر من النصف، ويغرم المخالف بمبلغ يساوي ضعفي ثمن المبيع لصالح الخزينة.
المادة السادسة: يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية”.
الأسباب الموجبة
وجاء في الاسباب الموجبة:
“يشهد لبنان منذ فترة عمليات بيع وشراء أراض شبه منظمة من أفراد، أو شركات يملكها أشخاص، من طوائف معينة لأراض يملكها أشخاص من طوائف مختلفة عن طوائفهم، ما أثار الكثير من المخاوف من ضرب صيغة العيش المشترك القائم على اختلاط اللبنانيين الجغرافي والثقافي، ومن تشجيع لهجرة طوائف معينة، ناهيك عن الفرز الطائفي والجغرافي والإجتماعي والسياسي والإقتصادي الخطير الذي قد ينجم عنها، وهو ما يعرض وحدة البلاد للخطر وما يناقض ميثاق العيش المشترك وما يتعارض مع التعددية التي قام عليها لبنان، والتي تشكل أحد العناصر الأساسية للوطن.
وبالرغم من أن الدستور اللبناني يصون حق الملكية الفردية (المادة 15)، باعتبار أن النظام اللبناني مبني على مبادئ الإقتصاد الحر وحتى التملك والتصرف بالملك، إلا أن هذا الحق ليس مطلقا لا حدود له، بل هو حق خاضع لقيود تفرضها المصلحة الوطنية والظروف الإستثنائية، وهو ما يفسر أن بعض القوانين الوضعية تحد من حرية التصرف المطلقة حماية للمصلحة العامة، أو الإستقرار، كما في حالات الإستملاك لمنفعة عامة أو حالات الشفعة أو الأفضلية.
ولقد عمدت بعض الدول إلى إصدار تشريعات إستثنائية تحد من حرية التصرف بالأملاك العقارية لمحو آثار الحروب الداخلية أو الخارجية، أو لصون السلم الأهلي ودرء الفتن أو لمنع التهجير.
أما في لبنان، وحرصا على وحدة لبنان وشعبه وعيشه المشترك، أقر المشترع بعض المبادئ الأساسية في الدستور اللبناني ومنها: “أن لبنان جمهورية ديموقراطية تقوم على احترام الحريات” (فقرة ج). “وأن أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان” (فقرة ط9). “وأن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك” (فقرة ي). “وأن لبنان قائم مكون من العائلات الروحية” (المادة 22). هذا بالإضافة إلى أن وثيقة الوفاق الوطني أكدت على “تعددية اللبنانيين”.
إن عمليات بيع وشراء العقارات الحاصلة هذه الفترة، والتي تنقل ملكية عقارات كبيرة من أفراد ذي لون طائفي، إلى أفراد من لون طائفي آخر، تستدعي التدخل السريع من المشترع للحؤول دون ضرب صيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية، أو تسهيل هجرة اليد العاملة اللبنانية، ولا سيما المنتجة منها، نتيجة فك ارتباط قسم من اللبنانيين بأرضهم وجذورهم، كما تستدعي إتخاذ الإجراءات الكفيلة بمراعاة المبادئ الدستورية أعلاه، والمحافظة على حق جميع اللبنانيين بالإقامة في ظل سيادة القانون، وفي مناخ عيش مشترك، ومنع التهجير والهجرة، التي تفرغ لبنان من قواه الإنتاجية الشابة التي هو بأشد الحاجة إليها، ومنع الفرز الطائفي والجغرافي والإجتماعي والسياسي والإقتصادي الذي يؤدي إليه بيع الأراضي بين أبناء الطوائف اللبنانية الذي نشهده منذ مدة. هذا بالإضافة إلى الإنعكاسات السلبية لانفلات هذا الأمر وتفشي هذه الظاهرة الخطيرة، ما يؤدي عمليا إلى تشويه صورة لبنان التعددي، ويقلص من الإختلاط السكاني بين الطوائف، ويقضي على الحريات العامة فيها، ويهدد وحدة الأرض، ووحدة لبنان.
لذلك نقترح مشروع القانون المرفق، والقاضي بمنع بيع الأراضي بين أبناء الطوائف المختلفة، للحيلولة دون الفرز السكاني الطائفي وضرب صيغة لبنان، بلد الحوار والتعايش بين المسيحية والإسلام، من جهة، وللمحافظة على وحدة الدولة التي تقوم على المحافظة على الإختلاط السكاني بين المسيحيين والمسلمين والتشبث بأراضيهم حيث هم. على أمل إدراج هذا المشروع على جدول أعمال مجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن لمناقشته وإقراره وإحالته حسب الأصول إلى مجلس النواب”.