بقلم فايز فارس*
في الأخبار أن خمس عشرة دولة أوروبية وشرق أوسطية عربية وإسلامية، ناهيك عن الإندفاع الأمريكي، قد تسابقت إلى نجدة دولة إسرائيل ومساعدتها في إطفاء حريق شبّ في جبل الكرمل… بينما وقف كل هؤلاء يتفرجون على إندلاع مئة وعشرين حريقاً عمّت مناطق لبنان الأخضر من شماله إلى جنوبه، بدل المبادرة الفورية إلى مساعدته في إطفاء حرائقه.
في كل مرّة يشب فيها حريق، كبيراً كان أم صغيراً، نسمع المسؤولين يبدأون تصريحهم أو ينهونه بعبارة مؤلفة من ثلاث كلمات “بالرغم من إمكاناتنا المتواضعة”. متى سنتوقف عن التذّرع بإمكاناتنا المتواضعة ؟ والمسؤولون هنا ليسو بحاجة إلى التعريف:
1- الدولة، هذه المؤسسة الوطنية الأم، التي آن لها أن تعي وتقر بأن إحد أهم مظاهر التطور والرقي في أي بلد متقدم هي إمتلاكه لمؤسسة إسعاف وطني، أكان صليباً مضيئاً أم هلالاّ منيراً، ومؤسسة دفاع مدني ومراكز إطفاء تضع قدراتها وإمكاناتها في خدمة المواطن الذي تعرض لتدهور مفاجئ في صحته أو تأذّى من حوادث لا حصر لها، أكان في بيته أو على الطرقات. فأمن البلاد وإستقراره مرتبط بوجود هذه المؤسسات التي تتطلب الرعاية الفضلى والدعم المتواصل من قبل الدولة، حتى تؤدي أدوارها، وهي أساسيّة، في نشر الأمن والأمان والإطمئنان في قلوب المواطنين دافعي الضرائب.
2- المجالس البلدية هذه الحكومات المحلية التي عليها أن تضع في رأس قائمة أولوياتها العناية بمنطقتها العقارية، وبكل الوسائل المتاحة عبر سن قوانين تجبر أصحاب الأراضي المهملة بالعناية بأملاكهم في حدها الأدنى تحت طائلة المسؤولية، أي تنظيفها موسمياً من البلان وغيرها من الأعشاب اليابسة القابلة للإشتعال كل ما إشتد الحرّ.
3- المجتمع المدني، وما يتفرّع عنه من مؤسسات وجمعيات لبنانية غير حكومية، إضافة إلى بعض المواطنين المتمولين الغيورين الذين يرغبون في مساعدة قراهم وبلداتهم على النهوض والنمو إجتماعياً وإقتصادياً… يتحمّل مسؤولية لا تقل أهمية عن تلك الملقاة على أكتاف الحكومات الوطنية والمحلية.
وبما أنه لكل مشكلة حل لا بل حلول، أعرض مايلي:
إن أول وأهم الأسباب التي تقف وراء هذا الكم الهائل من الحرائق، هو الإهمال الفاضح الذي تعاني منه المساحات الأكبر من أراضي لبنان. وذلك بسبب هجرة إبناء الريف اللبناني بحثاً عن “مستقبل أفضل” خارج البلاد أو في المدن الساحلية اللبنانية. وهذه معضلة كبرى تحتاج إلى رسم سياسات وطنية إنمائية متوازنة تسهم في تحفيز البعض على العودة إلى قراهم ومساعدة من بقي على البقاء. كذلك يجب سن قوانين تلزم أصحاب المساحات الكبرى بالعناية الدائمة بأراضيهم، مع المبادرة على المستويين الوطني والمحلي إلى العناية بأراض يملكها لبنانيون هاجروا منذ زمن بعيد، مع إمكانية وضع إشارة على الصحائف العقارية لهذه الأراضي حتى تتمكن الجهة الراعية من تحصيل بدل أتعابها عندما تتم عملية إنتقال ملكية هذه الأراضي بالتوارث أو بالبيع.
كما أقترح أن يبادر القطاعين العام والخاص وبالتعاون مع المجالس البلدية إلى:
– تنشيط الجمعيات الكشفية وبخاصة خلال فصل الصيف، أي تشجيع الشباب والفتيان على أخذ المبادرة إلى إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج والإسهام في حماية البيئة وقاية وعلاجاً، بهدف تهيئتهم للإنخراط طوعاً في مؤسسة الدفاع المدني أو الصليب الأحمر.
– إنشاء نوادي وجمعيات تسهم كلها في تنظيم هواية الصيد وإلزام كل من يملك أو يشتري بندقية صيد الإنضمام إلى هذه الجمعيات التي يتوجب عليها جدّياً المشاركة في حملة توعية مستدامة، ومنها التدريب والتأهيل وتنظيم رحلات صيد.
*باحث في تنمية المجتمع المحلي