أطلقت الهيئات الأهلية للعمل المدني بالشراكة مع مؤسسة الصفدي وبتمويل من مبادرة الشراكة الأميركية في الشرق الأوسط لدعم مبادرات الاصلاح في المجتمع المدني ، حملة المناصرة حول ” المرأة والقيادة المحلية ” وذلك في مركز الصفدي الثقافي قاعة الشمال بحضور رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر غزال وممثلين عن الجمعيات الأهلية والمدنية في مدينة طرابلس .
بداية النشيد الوطني اللبناني ثم كلمة مؤسسة الصفدي ألقتها الأستاذة سميرة بغدادي أكدت فيها على أن موضوع مشاركة المرأة السياسية وفي القيادة المحلية موضوع الساعة ، فلا ديمقراطية فاعلة دون مشاركة لجميع أبناء المجتمع نساء ورجالاً . وللوصول الى هذه المشاركة درب طويل ومهمات شاقة لأن ما راكمته ثقافة الأجيال يلزمه تحركاً واعياً وفهماً لمعيقات المشاركة .
وأضاءت بغدادي على أبرز النقاط التي تعيق وصول المرأة ومنها : مفهوم السلطة التسلط ، الصور والنماذج التي تتماهى بها المرأة الراعية للداخل والخارج ، المساحات العائلية في حياة المرأة مع تغييب للمساحة الشخصية والسياسية ، الحس القيادي مغيب في تربيتنا وخاصة للنساء مفهوم العمل السياسي والثقافة السياسية مغيبان أيضاً ونحن ان لم نعي الأبعاد ونعمل على تخطي هذه المعوقات نساء ورجالاً لن نصل الى المستوى المطلوب من المشاركة الفعلية والديمقراطية الحقة .
كلمة الهيئات الأهلية للعمل المدني ألقتها آمنة عرب والتي أشارت الى أبرز البرامج التي أطلقتها الجمعية الصيف الماضي وقالت : لقد لمسنا من خلال التعاون سوياً كم يستطيع المواطن والمجتمع المدني أن يلتقيا على أعمال مشتركة تخاطب هموم الناس . لقد وجدنا من خلال حملة المناصرة حول دعم المرأة في القيادة المحلية ، زملاء لنا في المجتمع المدني مهتمين ومندفعين ، وكان لتعاوننا معاً أثر طيب ونحن نتشارك معاً حول ما فيه مصلحة مجتمعنا أينما كنا في وطننا لبنان .
ثم كانت مداخلة من الأستاذة هدى الخطيب شلق مديرة الجلسة والتي رحبت بالحاضرات والكلمات التي ألقيت بالمناسبة شاكرة الدكتور غزال حضوره والذي يؤكد من خلاله اهتمامه بقضية المرأة .
وأشارت الى ضرورة الانتقال الى تفعيل دور المرأة في مجتمعاتنا ، سيما وأننا تناولنا الحديث عن العوقات مراراً وتكراراً وبات من الواجب علينا ايجاد الحلول وكيف يمكننا كمجتمع مدني محلي مساندتها في أي عمل قيادي خاصة واننا على يقين تام بقدراتها وخبرتها الواسعة في شتى
رابطة ” المرأة العاملة ” كان لها كلمة بالمناسبة ألقتها الأستاذة اقبال دوغان وتتعلق بالناحية القانونية والثقافة السائدة التي تحيط بمشاركة المرأة في القيادة المحلية فقالت : قضيتنا كقضية
” ابريق الزيت ” ، ونحن حينما نتحدث عنها انما نخرج ما بداخلنا من ضغوطات وهذا مهم بيد أن الأهم ايجاد الحلول وبذل الجهود في سبيل الوصول الى الأهداف بيد أن هذا لا يعني أننا نطالب ضد حقوق الرجال بل اننا نطالب بالمساواة والمشاركة في الحياة خاصة وأن المرأة اللبنانية أثبتت نجاحاتها في كافة الميادين وتبوأت الكثير من المراكز الا ” مراكز القرار ” وكأن هناك اتفاقات ضمنية من قبل السياسيين بايقافها عند حدود معينة .
وأشارت دوغان الى أن هناك معوقات كثير تقف في وجه المرأة وتحد من طموحها ولعل أبرزها المعوقات الاقتصادية والاجتماعية كون المال دائماً ما يكون بيد الرجل كما أن فرص العمل متاحة للرجل أكثر منها للمرأة ، برأيي أن هذه الذهنية لا تتغير الا بفعل ثورات وانتفاضات على الواقع الذي تعيشه المرأة داخل مجتمعاتنا . وهنا تجدر الاشارة الى أن هذا الغبن لا يلحق المرأة لوحدها وانما أيضاً شبابنا كون نظامنا لا يتيح للمواطن العادي فرصة اثبات وجوده الا اذا كان من العائلة المالكة ومن أبناء السياسيين حيث أنه لا دور للكفاءة ولا المعرفة وحدها المصالح الشخصية تلعب دورها وهذا بالفعل ما نشهده في موسم الانتخابات والتي باتت لعبة بيد السياسيين
اذاً ، هناك ذهنيات تعيق وصول المرأة ، وفي القانون هناك قضايا ضد المرأة وهي ان وصلت لأعلى المراكز يمكن لزوجها أن يخرجها من المنزل ساعة يرغب . الواقع بأن هناك الكثير والكثير من العوائق حتى ان المرأة نفسها لا تؤمن بقضيتها ولا تتطالب بحقوقها من هنا كانت مطالبتنا ” بالكوتا ” النسائية والتي ساهمت الى حد بعيد في احداث التغيير والذي لمسناه في الانتخابات البلدية الأخيرة ، ” الكوتا ” ليست الحل وانما هي الطريق المرحلي الذي من شأنه ايصالنا فيما بعد الى مبتغانا .
عضو مجلس بلدية طرابلس فضيلة فتال تحدثت عن تجربتها في القيادة المحلية فقالت : اذا كنا نريد حقاً ايلاء المرأة دوراً قيادياً في المجتمع لتساهم في صناعة المجتمعات على أسس سليمة ، فذلك لأننا نريد تثبيت الأمن الاجتماعي والسلام الانساني بين الناس ، وخصوصاً في المجتمعات التي تعاني عقد الحروب المختلفة . ومنها لبنان على وجه الخصوص ، ومن أجدر من الجمعيات النسائية في مثل هذه المواجهة التاريخية ، ان مجتمعاتنا بأمس الحاجة الى تغيير النظرة للمرأة كونها كائن حر مستقل قادر على تحقيق ذاته والتفاعل مع محيطه ، اضافة الى الثقافة كطاقة خلاقة لقيم لا تتغير في عمق جوهرها ومعانيها لكنها تنتهج وسائل تعبير عن أبعادها الانسانية المتعددة والمتنوعة . والى جانب كل ذلك ، فانه من الضروري أيضاً تغيير لغة الجمعيات النسائية بحيث تركز على حتمية المشاركة التاريخية في ادارة شؤون الحياة كافة بين المرأة والرجل .
رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر غزال كانت له مداخلة عبر فيها عن اهتمامه العميق بقضية المرأة والتي كرمها الدين الاسلامي من هنا تأتي أهمية النظر اليها كعنصر فاعل بل ورئيس في المجتمع وحينها يمكن أن تتغير الذهنية السائدة بالنظر اليها .
وأعلن غزال أنه بصدد تأسيس هيئة لدعم العمل البلدي نواتها المرأة والتي لنا ملء الثقة بقدراتها على تحمل مسؤولياتها شاكراً مؤسسة الصفدي على الجهود التي تبذلها ومعها الهيئات الأهلية للعمل المدني مؤكداً على أهمية تضافر كل الجهود في سبيل تحقيق التنمية المنشودة .
من جهته الاعلامي الدكتور أنطوان قسطنطين تحدث عن دور الاعلام في تفعيل القيادة المحلية للمرأة فطرح جملة تساؤلات منها : هل تملك المرأة في مجتمعاتنا صفة المواطنية وهل الرجل أصلاً مواطن ؟؟ ورأى بأن التقسيم الجندري هو جزء من ذهنية التقسيم الطوائفي . ما هي مسؤولية الاعلام وهل تنفصل عن مسؤولية المشرع والحاكم والمجتمع؟؟ هل يمكن تجاوز الواقع الاجتماعي بتطوير تشريعات غير ملائمة لهذا الواقع ؟
مفهوم السلطة في لبنان والشرق العربي عموماً هل يستطيع حصرية ذكورية أم يتسع لوجود المرأة سواء في القيادة المحلية أم على مستوى أعلى ؟ هل يستبطن الفكر الديني وبالتالي العادات الاجتماعية قناعة بأن المرأة كانت ناقص عن الرجل ، وما هو النقص بالتحديد بالنسبة للرجل ؟؟
أصحاب النظرة التمييزية والدونية للمرأة يعتبرون الاعلام أصلاً وسيلة شيطانية ( آداة فساد وانحطاط ) .
ورأى الدكتور قسطنطين بأن التدريب على الحرية وعلى الحقوق وعلى وعي الذات يبدأ بالتربية المنزلية والمدرسية ، اذا كنا نريد امرأة حرة مشاركة ومتساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل فعلياً علينا أن نختار نظاماً تربوياً منزلياً ومدرسياً ينتج كائنات بشرية ذكوراً واناثاً مدربين على معنى الحرية والمساواة والمشاركة .
يتهم الاعلام بأنه يصور المرأة على أنها جسد يجري استغلاله للترويج لأي سلعة أو فكرة أو منتج ، وهذا يشوه صورة المرأة وبالتالي يحد من حقوقها وطموحها ودورها . أريد أن أسلم جدلاً بذلك ، ولكني أسأل هل هذه التهمة الموجهة للاعلام محصورة بالاعلام العربي ؟؟؟ لا انها تنطبق أيضاً على الاعلام الغربي فلماذا لم تؤثر على موقع المرأة وحقوقها ودورها ؟؟؟
وفي الختام كانت جلسة نقاش وحوار ومن ثم تم التوقيع على عريضة ” مناصرة المرأة في القيادة المحلية ” .