أعلن وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي أن لبنان يمر بمرحلة دقيقة جداً، والأخطار المحدقة به تهدد استقراره وسلمه الأهلي، وأن أي محاولة لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها الرئيس سعد الحريري تعتبر في الظروف الحالية عملا يضر بمصلحة لبنان. ولكن، مع تمسكنا بحكومة الوحدة الوطنية فإننا من موقعنا الطرابلسي واللبناني معنيون بشؤون مدينتنا وقضايا الوطن وسنواصل العمل وفقا لما نحن مقتنعون به وسيكون لنا موقف من كل القضايا المهمة على صعيد الوطن.
وعن أحداث برج أبي حيدر قال الصفدي: “لقد حذرنا ولا نزال من أي فتنة تطل علينا، وها إن ما حصل في برج أبي حيدر في بيروت من أحداث بالأمس القريب استباح أمن الناس وكرامتهم، وكاد أن يطيح بالسلم الأهلي ويدخلنا في الفتنة المذهبية الكبرى لولا التدارك السياسي والتدخل الحاسم للجيش اللبناني الذي يجب أن يكون وحده الضمانة وصمام الأمان لجميع المواطنين. وأردف: لقد أظهر الحادث المؤسف خطورة انتشار السلاح بصورة عشوائية بين الناس في جميع المناطق. هذا أمر يحتاج إلى معالجة حاسمة وسريعة وأي تهاون فيه يؤدي إلى إضعاف هيبة الدولة ويشجع العابثين بالأمن والذين يريدون شرا بلبنان. وقال: إن القبض على مطلقي النار إلى أي جهة انتموا، ومحاكمتهم وفقا للقوانين يعطي المواطنين ثقة بالدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية وإلا سيتجرأ أي كان على الإخلال بالأمن وتهديد السلم الأهلي وترهيب الناس. وعن تسليح الجيش قال: من واجب الجيش اللبناني أن يكون المدافع الأول عن الحدود ومن حقه على الحكومة أن تؤمن له السلاح الملائم والعتاد الكافي وتعزز قدراته ليردع العدوان ويتولى المسؤولية الأولى في حماية لبنان؛ هذا الكلام قلناه في واشنطن وباريس ودمشق وبيروت، ونقوله في طرابلس وفي أي مكان”.
ولفت الصفدي بحضور النائب قاسم عبد العزيز في لقاء جمعه مع كوادر مكتبه ومخاتير وفاعليات طرابلسية: قلنا في الماضي: لا أحد يستطيع مصادرة قرار طرابلس أو التحكم به أو احتكاره بمفرده. واليوم نقول: لا أحد، مهما بلغت مكانته، يستطيع بمفرده أن يدعي التحكم بقرار وطنه أو طائفته. وانتقد الحملات المبرمجة ضده، وأصوات النشاز والانتقاد الفارغ، والأقلام المأجورة التي تعكس فراغ أصحابها وضعف من يحركهم. مؤكداً أن: موقفنا ثابت منذ أن دخلنا الحياة العامة لأنه نابع، والحمد لله، من قناعة ذاتية وإرادة حرة، فنحن لم نتصرف يوما إلا بما تمليه علينا المصلحة الوطنية العليا. لا نتأثر بحسابات أو مصالح شخصية ولا ترهبنا همروجات من هنا وضجيج فوضوي من هناك. وقال: السياسة بالنسبة إلينا عمل أخلاقي قبل كل شيء، هكذا نفهمها وهكذا نمارسها.
وإذ أكد الوزير الصفدي تمسكه إلى أبعد الحدود بتحصين طرابلس والشمال وكل لبنان ضد أي خطاب مذهبي أو فئوي يحرض الناس ويفتح الباب أمام الفتنة القاتلة؛ قال: لقد تمايزنا في محطات أساسية فتعرضنا لهجمات وافتراءات وحملات تخوين، لم نكن ننتظرها من حيث أتت لكننا حافظنا على خطنا وعلى ثوابتنا التي هي نبراس يضيء لنا طريق العمل الوطني”، مفنداً هذه الثوابت التي تبناها منذ انطلاقة عمله السياسي في العام 2000، والتي جاء فيها: الثابتة الأولى هي أن السلم الأهلي أساس الاستقرار، وأن الوحدة الوطنية شرط وجود لبنان ونحن نحميها بصميم القلب.
الثابتة الثانية: موقفنا حر ومستقل لن نتنازل عنه لأنه مستمد من قناعتنا ومن إرادة الناس الأحرار الذين لهم وحدهم الفضل في إيصالنا إلى مجلس النواب. ثقتهم أمانة غالية، تحملنا مسؤولية كبيرة لن نفرط بها.
الثابتة الثالثة: طرابلس نريدها عزيزة مكرمة وسنعيدها معكم إلى حيث يجب أن تكون، في موقع القرار الوطني سياسيا واقتصاديا وثقافيا؛ وإعادة الفيحاء إلى موقع القرار هو قرار اتخذناه مع زملاء لنا ونعمل على تنفيذه مع كل الشرفاء الأحرار في مدينتنا الحبيبة، لأن فيه مصلحة لطرابلس ولكل لبنان.
الثابتة الرابعة: موقفنا من إسرائيل واضح وضوح الشمس فهي دولة عدوة تحتل أرضنا العربية وتعتدي على شعبنا وسيادتنا الوطنية ومن حقنا أن نقاومها بجميع الوسائل.
الثابتة الخامسة: استقرارنا السياسي هو بالدرجة الأولى حصيلة تفاهم بين مكونات الوطن. فالحوار نهج دائم وليس عملية موسمية ونحن مسؤولون جميعا عن منع التدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية. هذه مسألة ترتبط بكرامتنا الوطنية ووجودنا المستقل ولا تتعارض أبدا مع بناء أفضل العلاقات مع الدول العربية وفي مقدمتها سوريا. فعلاقة لبنان مع سوريا نريدها على أعلى درجات التوازن والتعاون السياسي وأوسع آفاق التكامل الاقتصادي، ودائما على أساس الثقة والاحترام المتبادل لاستقلال وسيادة كل منا.
وحيا الصفدي: المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لما بذلته من جهود في سبيل جمع الشمل العربي الذي تجلت مفاعيله في القمة الثلاثية الأخيرة في بيروت، بما يعزز وحدة اللبنانيين في مواجهة التحديات والأخطار.
وقال: أما الإنجازات في العمل النيابي والوزاري فتعرفونها. نحن من دعاة تجاوز الطائفية عبر قانون انتخابات يعتمد على النسبية في الدوائر الكبرى. نحن مع إقرار قانون عصري للامركزية الإدارية يحقق التنمية المحلية للمناطق. نحن مع تفعيل القضاء وتعزيز استقلاليته وحمايته من أي تدخل سياسي، وكذلك مع تعزيز أجهزة الرقابة التي تحمي المواطن من الفساد والتسلط. إننا في الوزارة كما في النيابة معنيون بحياة المواطن ومعالجة مشاكله المعيشية وتسهيل أموره؛ وقضايا طرابلس ومشاريعها تقع في رأس اهتماماتنا.
وأضاف: نحن ننتمي إلى مدينة كان لرجالها الدور الأبرز في تحقيق الاستقلال وبناء الدولة منذ مطلع القرن الماضي؛ فطرابلس شريك أساسي في البناء السياسي والاقتصادي الذي قامت عليه الدولة في لبنان وهي كانت وستظل دائما مصنعا لرجال يدخلون العمل الوطني من أبوابه الكبرى. وأكد: نحن متمسكون إلى أبعد الحدود بتحصين طرابلس والشمال وكل لبنان ضد أي خطاب مذهبي أو فئوي يحرض الناس ويفتح الباب أمام الفتنة القاتلة؛ فهذا واجب شرعي وقانوني وأخلاقي لن نتساهل فيه. هذه ثابتة عملنا بوحيها على مدى عشر سنوات من الحياة السياسية والوطنية، ونحن لا نساوم على الثوابت مهما كان الثمن.
وتوجه إلى كوادره بالقول: يهولون علينا لكن التهويل لا يخيفنا، فنحن نتمسك بثوابتنا وحرية قرارنا ونواجه بالحق. داعياً إياهم أن يحافظوا على روح الاعتدال وعلى التنوع الذي تتميز به طرابلس ويتميز به أهل السنة ويمتاز به لبنان. أضاف: نحن كلنا أبناء طرابلس، التي شربنا الصدق والكرامة من مائها. طرابلس حصن الوحدة الوطنية وعاصمة الشمال الذي لا تهزه رياح عابرة. سنبقى معكم ثابتين على مواقفنا وقرارنا النابع من مصلحة مدينتنا وأهلنا. كونوا على ثقة بأن خياراتكم هي التي ستنتصر في النهاية لأنها خيارات المؤمنين بلبنان وطنا لجميع اللبنانيين ولأنكم كنتم ولا تزالون حصنا للاعتدال الذي يشكل حجر الزاوية في البناء الوطني. هذه هي طرابلس وهكذا نريدها وسنواصل تعزيز العلاقة بقياداتها الحريصة مثلنا على موقع مدينتنا في الحياة الوطنية وسيكون اتحادنا من أجلها قوة لنا جميعا بإذن الله.