احتفلت رعية سفينة الدريب “المارونية” في قضاء عكار، بالسيامة الكهنوتية للشماس ديغول طنوس، بوضع يد رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، الذي تراس قداسا احتفاليا بالمناسبة في كنيسة مار يوحنا المعمدان في بلدة سفينة الدريب في عكار، وعاونه المدبر في الرهبانية الانطونية الاب موسى الحاج، القيم العام في ابرشية طرابلس المارونية الخوري سليم الزريبي، رئيس اكليريكية كرمسده الخوري نعمة الله حديد، رئيس لجنة الدعوات في الابرشية الخوري مرسال نسطه، خادم رعية سفينة الدريب الخوري نسيم قسطون، الى لفيف من كهنة رعايا عكار من الموارنة، والارثوذكس، والكاثوليك، ورهبان وراهبات. حضر الاحتفال النائب المنتخب نضال طعمه، العقيد الياس رحال ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، رؤساء بلديات ومختاري المنطقة، وحشد من ابناء البلدة والجوار.
المطران بو جوده
والقى المطران بو جوده عظة في المناسبة، قال فيها: “يتوافق إحتفالنا اليوم بسيامة الكاهن الجديد ديغول طنوس، مع بداية السنة الكهنوتية التي إفتتحها قداسة البابا بندكتوس السادس عشر يوم أمس في روما، والتي كان قد أعلن عنها في السادس عشر من شهر آذار الماضي وهي بعنوان: “أمانة المسيح وأمانة الكاهن”. لقد أراد قداسته أن تبدأ هذه السنة ليلة عيد قلب يسوع الأقدس الذي كان قد أعلنه السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني يوما للصلاة من أجل قداسة الكهنة. كما إنه أرادها أن تتوافق هذه السنة مع الذكرى المائة والخمسين لوفاة القديس جان ماري فيانيه، خوري آرس في وسط فرنسا، شفيع الكهنة الأبرشيين.وإننا أردنا أن تبدأ هذه السنة في أبرشيتنا في منطقة عكار بالذات، بالإحتفال بسيامة كاهن جديد في الأبرشية، هنا في سفينة الدريب، ثم بالإحتفال غدا بسيامة شماس جديد في مزياره، ثم بسيامة كاهن جديد آخر في عكار أيضا بعد أسبوعين”.
وتابع: “أعلن قداسته هذه السنة الكهنوتية التي تمتد من التاسع عشر من حزيران 2009 إلى التاسع عشر من حزيران 2010 في لقائه مع كهنة أبرشيته، أبرشية روما، تعبيرا منه عن إرادته في تشجيع الكهنة على التوق إلى الكمال الروحي الذي تتعلق فيه فعالية الكهنوت. كما إنه أرادها مناسبة لجميع الكهنة كي يتجددوا داخليا في إكتشاف هويتهم المميَّزة، والتركيز على روح الأخوَّة التي تربطهم ببعضهم البعض وبعلاقتهم مع الأُسقف.إنها مناسبة لنا اليوم للتوف عند هذا الحدث للتأكيد على هوية الكاهن ودوره ورسالته في مجتمع اليوم، وعند الصفات الثلاث التي يتميّز بها الكهنوت المسيحي، وبصورة خاصة كهنوت الخدمة.الكاهن في الكنيسة ليس موظّفاً إدارياً تنتدبه السلطة الكنسيّة للقيام ببعض المهمّات في خدمة الرعيّة التي تُعيِّنه فيها، ولا يقوم دوره على إعطاء الإفادات والشهادات للمؤمنين، كإفادات المعموديّة والزواج والوفيّات، مع أهميّتها.الكاهن هو ذلك الذي إختاره المسيح ليتابع رسالته الخلاصيّة بالقيام بأعمال التبشير والكرازة، فيحمل كلمته إلى أقاصي الأرض عملاً بقوله: ” إذهبوا في الأرض كلّها وأعلنوا البشارة للخلق أجمعين “، وليكون الراعي الصالح الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه والذي، على مثال المسيح، وعلى خلاف الأجير، يبذل نفسه في سبيل الخراف، ويسعى للبحث عن الخراف الأخرى التي ليست في الحظيرة، كي يقودها جميعها إلى الآب.أما الصفات التي يجب أن يتحلّى بها الكاهن فهي ثلاث: النبويّة والتدبيريّة والتقديسيّ “.
وقال: “فالكاهن هو أولاً نبيّ، أي إنّه حامل كلمة الله للآخرين. فالنبي، بالمفهوم المسيحي والكتابي ليس ذلك الذي يتكلّم عن المستقبلات والغيبيّات، إنّه ذلك الذي، على مثال النبي إرميا، وضع الله كلامه على لسانه ليذهب ويقول ما أمره به، فيقلع ويهدم، ثمّ يغرس ويبني. إنّه الشاهد للحقيقة الذي يتميّز بالجرأة والشجاعة على قول الحق والذي هو مستعدٌّ أن يكون شاهداً وشهيداً إذا إقتضى الأمر على مثال إيليا ويوحنا المعمدان، شفيع هذه الرعيّة المباركة. مهمّة الكاهن الأولى والأساسيّة هي التعليم عملاً بقول السيّد المسيح الذي قال لرسله قبل أن يغادرهم ويصعد إلى السماء: ” إنّي أوليتكم كلّ سلطان في السماء والأرض، فإذهبوا وتلمذوا جميع الأُمم، وعلّموهم أن يحفظوا ما أوصيتكم به، وها آنذا معكم طوال الأيام حتى نهاية العالم ” (متى28/19-20).والكاهن هو ثانياً القائد والمدبّر والراعي. وتتميّز قيادته ورعايته وتدبيره بروح الخدمة، على مثال المسيح الذي قَبِلَ أن يقولوا عنه قائداً وملكاً، لكنّه قال أنّ مملكته ليست من هذا العالم، وأضاف بأنّه جاء ليَخدُم لا ليُخدَم. ومن هنا تسمية الكاهن في الكنيسة خادم الرعيّة، لأنّ الخدمة ليست إحتقاراً له وإذلالاً بل على العكس، إنّها ثقة تلقى على عاتقه ليقوم بالمهمّات الصعبة والدقيقة التي تكلّفه بها الكنيسة، على ما نرى في الكتاب المقدَّس، وكما يقول المسيح عن نفسه بعد أن غسل أرجل التلاميذ: “إنّكم تدعونني المعلِّم والرّب، وأصبتم فيما تقولون، فهكذا أنا “.
وقال: “اليوم، أيها العزيز ديغول، وبعد لحظات، وبوضع يد الأسقف، سوف تنال نعمة ودرجة الكهنوت بعد فترة طويلة من التحضير الثقافي والروحي والإنساني.لقد اختارك الرّب لتكون كاهنه ونبيّه فلبّيت النداء. الكهنوت هو في الحقيقة التزام بالسير مع المسيح وعلى خطاه. إنّه وضع اليد على المحراث وعدم الإلتفات بعد ذلك إلى الوراء. الكهنوت التزام بالخدمة والمحبّة والعطاء. وقد إعتدت في حياتك على الإلتزام، بأنّك التزمت في فترة من الزمن بخدمة الوطن في مؤسّسة الجيش، فتعلّمت فيها معنى العطاء والتضحية والوفاء على الصعيد الوطني والإنساني “.
وختم المطران بو جوده: “ها إنك اليوم تتابع هذا الإلتزام بصورة أعمق وأكمل، على مثال المسيح، بروح المحبة التي تجعلك تقول معه أنه ليس من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل من يحب. إنك تربيت في بيتك على هذه القيم وهذه المبادئ وهذه الأخلاق، إذ عرف والداك وعائلتك منذ زمن بعيد بأنهم ربوا أولادهم على هذا الأساس. إننا نرسمك اليوم كاهناً رسولاً في خدمة الكنيسة في هذه المنطقة العزيزة من لبنان، منطقة عكار التي أعطت منذ القديم وما زالت تعطي للوطن وللكنيسة خيرة شبابها “.