أكد نائب رئيس “مؤسسة الصفدي” السيد أحمد الصفدي أنه مهما حاول البعض تشويه صورة طرابلس، واستغلال أهلها بتأجيج الغرائز والتحريض، فإننا على ثقة بأن أبناءها متشبثون أكثر فأكثر بإرادة العيش، ومصممون على النهوض بمدينتهم ومجتمعهم. وقال: إن مدينتنا طرابلس التي تتميز دائماً بأصالتها، ليست غائبة عن حركة المجتمعات العربية، لكنها في الوقت نفسه مصرة على تثبيت هويتها اللبنانية المميزة بالانفتاح والاعتدال والمحبة.
كلام الصفدي جاء خلال افتتاحه المهرجان الرمضاني الذي تنظمه “مؤسسة الصفدي” للسنة الثالثة على التوالي بعنوان “على ضو القمر” بـ “مركز الصفدي الثقافي”، في أمسية روحانية احتشد لها الكثيرون من أبناء طرابلس فاجتمع المثقفون والجامعيون والشباب وسكان الأحياء الشعبية معاً في جو من الألفة والمحبة والتواصل الاجتماعي. كما حضر الافتتاح، إضافة إلى كريمة وزير المالية محمد الصفدي السيدة لارا، ممثل عن النائب بدر ونوس، رئيس بلدية الميناء السفير محمد عيسى، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي النقيب شهاب سيف، فاعليات نقابية واجتماعية وثقافية وإعلامية.
“على ضو القمر”، أطلقت “المؤسسة” مهرجانها الرمضاني لهذا العام، بكلمة ألقاها السيد أحمد الصفدي الذي اعتبر “إن مؤسسة الصفدي التي تواكب هذا الشهر الفضيل تساهم مع أبناء المدينة في إحياء مهرجاناتها الرمضانية السنوية التي من خلالها تزرع البسمة في نفوس أهل طرابلس، ورفع بعض من المعاناة عن كاهلهم، وإضفاء جو من المحبة والألفة والتواصل الاجتماعي الذي يتميز به هذا الشهر الفضيل. أضاف: “إن إحياء هذه المهرجانات ومشاركة الناس، خير دليل على أن طرابلس مدينة للحياة، وهو انتصار على الفتنة وتأكيد على أن الفيحاء، مدينة السلامِ والانفتاح لن تقوى عليها المؤامرات. ومهما حاول البعض تشويه صورتها، واستغلال أهلها بتأجيج الغرائز والتحريض، فإننا على ثقة أن أبناء طرابلس متشبثون أكثر فأكثر بإرادة العيش، ومصممون على النهوض بمدينتهم ومجتمعهم”. وتابع الصفدي: نريد لأبناء مدينتنا حياةً كريمة. نريد لشبابها أن ينعموا بفرص العمل ويتسلَّحوا بالعلم والثقافة والمعرفة. نريد لأهلنا الطيبين أن يستعيدوا فرحتهم وأن يعم الأمل في بيوتهم وعائلاتهم”. وختم مؤكداً: ستحلُّ أيامُ الخير على شعبنا الصادق المؤمن بالله وبالوطن وستنتصر إرادةُ الحياة.
الحفل الأول
ثم افتتحت أولى الأمسيات الرمضانية مع حفل فني أحياه الموسيقي والمرنّم المصري المتخصص بالإنشاد والذي عرف عنه إتقانه في جمع الإنشاد الصوفي والطرب والتراث الشرقي الكلاسيكي، الشاب مصطفى سعيد، الذي أكثر من المدائح النبوية ابتهالاً وعزفاً على العود، يعاونه أعضاء فرقته بثوبهم الأبيض المصري التقليدي. وقد استمتع به الحضور الذي غصت به قاعة المسرح، وتابعه الناس من التراس عبر شاشات كبيرة وضعت ليتمكن المشاركون في معرض الأشغال اليدوية والحرفية من مشاهدته والاستماع إليه.
أما الجزء الثاني من الأمسية، فقد افتتح مع فرقة الوداع الرمضانية على التراس، قبل أن يقدم عرض تراثي لفرقة طرابلس التراثية للإنشاد والفتلة المولوية، التي فاجأت الحضور بظهورها وسط الجمهور، حيث قدمت برنامجها بقيادة الشيخ جميل الحموي، مجموعة من الأناشيد المتعلقة بشهر رمضان والتواشيح الدينية والمدائح النبوية (يا رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، مولاي صل وسلم، طاهر النسب، صل يا رب وسلم،..)، بمشاركة راقص اعتلى بثوبه الفضفاض الأبيض، منصة وسط التراس تجمهر حولها الناس وشاركوا الفرقة المدائح على إيقاعات ملحني الفرقة.
وقد شاركت في المعرض الحرفي سيدات وحرفيات وجمعيات من طرابلس، على مساحة التراس الذي تزين بأجمل ما صنعته أيادي هؤلاء من أكسسوارات وبياضات ولوحات وزجاجيات وسيراميك، وصور… كما شارك في المعرض مشغل طارة وخيط الحرفي، وهو مشغل مستقل يستمد الدعم من مؤسسة الصفدي، انطلق من مركز أكاديمية المرأة في ضهر المغر ويهدف إلى تمكين النساء اقتصادياً. كما ترافق مع المعرض سحور رمضاني من وحي المناسبة.
الجدير بالذكر أن مصطفى سعيد، عازف عود ومرنم متخصص في النسق التقليدي الشرقي العربي، باحث في مجال علم الموسيقى، مؤسس مجموعة أصيل للموسيقى الشرقية العربية التأويلية المعاصرة، أستاذ العود والإنشاد وفن الإرتجال وموسيقى المجموعة العربية (التخت) في المعهد العالي للموسيقى في الجامعة الأنطونية (لبنان)، وأستاذ في “بيت العود العربي” في القاهرة.
أما فرقة طرابلس التراثية للانشاد والفتلة المولوية فقد تأسست سنة 1998 بقيادة المنشد الشيخ جميل الحموي. ومنذ ذلك الحين أخذت الفرقة على عاتقها مهمة إعادة إحياء التراث الاصيل الذي نشأ عليه اجدادنا بأسلوب حضاري وراق. قدمت الفرقة وعلى مدى السنوات الماضية احتفالات كثيرة وشاركت في مهرجانات في لبنان وخارجه. هذا وتقيم الفرقة احتفالاً اسبوعياً على مدار السنة في مركزها في المدرسة الكريمية داخل أسواق طرابلس التاريخية.
ويتضمن برنامج “على ضو القمر” لهذا العام، إضافة إلى أمسيتين لاحقتين، الأولى يوم الخميس 18 آب مع كورال الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف تسلاكيان في أمسية فنية متميزة، لتختتم هذه النشاطات يوم الخميس 25 آب، مع الأمسية الثانية التي خصصت للعود مع الموسيقي شربل روحانا يرافقه الفنان ايلي خوري.